بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
اترك النت واترك الفيس واترك كل شيئ من يدك دقيقة واحدة وتخيل معي!!
تخيل أنك تجلس في غرفة واحدة أنت وأهلك ومعكم ثلاثة عوائل أخرى على الأقل تتعرضون للقصف بكل أنواع الأسلحة الثقيلة منذ 80 يوم في الليل والنهار !!
وأنكم تعيشون بلا طعام منذ 80 يوم وتأكلون من فتات خبز يابس إن وجد!!
وتشرب مع أهلك ومع من تسكن مهم من مياه اللآبار لأن المياه والكهرباء مقطوعة منذ أسابيع وأن مياه الآبار هذه صار لونها أحمر خلال اليومين الماضيين و أصبحت غير صالحة للشرب!! ومع ذلك تضطرون لشربها فلا بديل عنها سوى الموت,,
وأنت جالس بهذه الغرفة تسمع صوت بكاء لا يمل صاحبه من أن يبكيه كل يوم لا لا بل كل ساعة وكل دقيقة إنه صوت ابنك الصغير يبكي" بابا بابا بدي آكل",, يريد حليبا... فتنظر إليه وتغرورق عيناك بالدموع ثم تمسحهما على عجل لكي لا يراك أحد من أفراد أسرتك فمنك يستمدون القوة,, ثم تقف وتنظر إليه كثيرا كثيرا دون أن تستطيع أن تقدم له أي شيئ!!
تحمل الصغير وتمشي به ضمن الغرفة فيهدأ بكاؤه قليلا فقد ظن أنك تأخذه لمكان وجود الحليب الذي اشتاق إليه فمنذ 80 يوم لم يره أو حتى يشمه!!
بينما تتمشى في الغرفة تتعثر بأخيك الصغير وبابن جاركم وبالقرب منهم ترقد والدتك أيضا فقد جلسوا بفراشهم متعبين بعد أن أصيبوا بسوء تغذية لعدم توفر الطعام والكثير الكثير الكثير ممن تعرفهم أصيبوا بنفس الحالة !!
تنظر إليهم جميعا كيف هم ممددون في الأرض لتأتيك فكرة ربما هي الحل الجيد!!
تقرر أن تأخذهم جميعا للمشفى الميداني الوحيد الذي يعالج الجرحى والمرضى على حد سواء,,
لكن الفرحة لم تكتمل,,
فاليوم فقط تم إغلاق هذا المشفى لأنه فرغ من الأدوية تماما!!!
عندها تشهد قتالا عنيفا مع خاطر يحاول أن يقتحم بقايا أفكارك الممزقة!!
خاطر يقول لك هل من المعقول أن أترك أخي الصغير وأمي يموتون ببطؤ؟؟!!
هل من المعقول أن طفلي الصغير سيموت مهم؟؟!!
ماذا لو أصيب أي إنسان أحبه بشظايا القذائف التي لا تمل السقوط على منازلنا؟؟!
هل سيموت مباشرة ولن يتكلف أي أحد عناء إسعافه؟!!
نعم,, فلا مكان للإسعاف بعد الآن!!
يشق هذا المزيج من الصمت والبكاء صوت أجش لوالدك المسن " ابني الله يرضى عليك جيب لي دوا للسكري والضغط لأن العلبة خلصت!!!"
تهز برأسك قليلا,,ثم تجسو على ركبتيك,,ترفع يديك للسماء,,
تدعو الله بحرقة " اللهم انتقم ممن حاصرنا,, اللهم انتقم ممن صمت عن حصارنا....
اللهم......تسكت فماذا عسك أن تدعو أكثر؟؟!"
توقف عن التخيل,, فقد كانت مجرد دقيقة عشتها في أحياء حمص الحاصرة!!
توقف عن الخيال و قم حالا واعمل أي شيئ ,, أي شيئ مهما كان ,,لفك الحصار عن أحياء حمص المحاصرة